عدد المشاهدات : 4506

يستدل اصدقائنا النصارى على حقيقة الثالوث والأقانيم (الآب والأبن والروح القدس) , وان الله الواحد يتكون من اقانيم ثلاثة من فقرة فى انجيل متى , تعد هى الفقرة الوحيدة التى وردت على لسان المسيح ويذكر فيها الثالوث بوضوح وهى متى 28 : 19 والتى يقول فيها :

ولكن بمراجعة المصادر المسيحيه من كتابات وتفاسير نجد أن بعض علماء المسيحية الاوائل يذكرون فى كتاباتهم ما يوحى أن هذا النص غير أصلى ومضاف الى انجيل متى فى عصور لاحقة ومن هذه المصادر كتاب تاريخ الكنيسه ليوسابيوس القيصرى وكتاب التفسير الحديث للكتاب المقدس .
من هو يوسابيوس القيصرى ؟
من كتاب نظرة (شامله فى علم الباترولوجى) ص 168 باختصار
ولد 260 / 265 ميلاديه وتوفى 340 ميلاديه تقريبا
كان هو المرشد والمفسر اللاهوتى الأول للإمبراطور , نال شهرة واسعه بسبب كتابه التاريخى الضخم “التاريخ الكنسى” ولذلك لُقب “أبو التأريخ الكنسى” , يعد من أوائل المؤرخين الكنسيين , وهو أيضا مفسر للكتاب المقدس , ومدافع عن المسيحيين ضد الوثنيين , وكان له دور فعال وعنيف احيانا فى الجدل الآريوسى , فقد كان نصف آريوسي , توضح كتاباته العديده أنه كان يميل الى التفسير الحرفى والتاريخى للكتاب المقدس أكثر من التفسير الرمزى أو الانعكاس اللاهوتى وذلك بالرغم من اعجابه بأوريجانوس .
يقول يوسابيوس القيصرى فى كتابه تاريخ الكنيسه صفحة 100عند استشهاده بالفقرة متى 28 : 19

ويقول كتاب التفسير الحديث للكتاب المقدس فى  تفسير انجيل القديس متى

فى كتاب
: E. Budge, Miscellaneous Coptic Texts, 1915, pp. 58 ff., 628 and 636)
كتابات قبطية متفرقة للكاتب وليم بودج

وهناك الكثير من الكتابات والتفاسير التى ترجع الى آباء الكنيسه فى القرون الاولى لا تذكر هذه الصيغه للتعميد والتعلم ولا تستشهد بنص الفقرة متى 28 : 19 فى كتاباتها ولا استدلالها على التثليث .
مما جعل هذه الفقرة محل دراسة وبحث لتحديد مدى صحتها وصدق ورودها على لسان المسيح بالحقيقة وذلك عن طريق دعمها ببعض الشواهد وحقيقة ما ورد فى باقى الاناجيل الازائيه (المتشابهه) مرقس ولوقا أو إنجيل يوحنا أيضا , وكذلك ما ورد فى كتابات تلاميذ المسيح وأعمالهم كشاهد على ما تلقاه التلاميذ عن المسيح ليدلنا على مدى صدق هذه الفقرة وصحتها أو تحريفها .
لقد وردت هذه الفقرة فى انجيل متى لتوضح آخر تعاليم المسيح وأمرة بإرسال تلاميذه لتعليم الامم وتكريزها بعد قيامته من الموت المزعوم , وبمراجعة هذه الحادثة وكلام المسيح فيها فى سائر الاناجيل نجدها كالتالى :
انجيل مرقس 16 : 15

انجيل لوقا 24 : 47

انجيل يوحنا 20 : 21

كما نرى لم يذكر أى من كتبة الاناجيل أن المسيح قال لتلاميذه كرزوا أو علموا أو عمدوا باسم الاب والابن والروح القدس كما ورد فى متى , ولكن كان أمر المسيح لتلاميذه أنه سوف يرسلهم كما أرسله الاب , وان عليهم أن يكرزوا فى الامم ويعلموهم بالانجيل وباسم يسوع المسيح .
وربما يقول أحد الاصدقاء النصارى أن الاناجيل يكمل بعضها بعضا وأن عدم ذكر الفقرة المقصوده فى الاناجيل الاخرى لا يعنى انها مضافه فى متى .
نقول ان فعل التلاميذ وأعمالهم وتنفيذهم لوصايا المسيح ربما تكون الفيصل فى هذا الامر ونستطيع منها أن نستدل على ما أمر المسيح به تلاميذه تحديدا وأرسلهم به .
ونرى من تعاليم المسيح لتلاميذه اثناء حياته أنه كان يدعوهم ويأمرهم أن يعلموا ويطلبوا الإيمان وعمل المعجزات باسمه ولم يذكر الثالوث كما فى :
مرقس 16 : 17 وهذه الآيات تتبع المؤمنين.يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة
لوقا 10 : 17 فرجع السبعون بفرح قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك
لوقا 9 : 48 وقال لهم.من قبل هذا الولد باسمي يقبلني.ومن قبلني يقبل الذي ارسلني.لان الاصغر فيكم جميعا هو يكون عظيما
لوقا 9 : 49 فاجاب يوحنا وقال يا معلّم رأينا واحد يخرج الشياطين باسمك فمنعناه لانه ليس يتبع معنا.
يوحنا 2 : 23 ولما كان في اورشليم في عيد الفصح آمن كثيرون باسمه اذ رأوا الآيات التي صنع
يوحنا 3 : 18 الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد
يوحنا 16 : 23 وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئا.الحق الحق اقول لكم ان كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم
وقبل أن نتعرض لكيفية تنفيذ التلاميذ والرسل لأمر المسيح الذى ورد اليهم عند لقائه بهم بعد القيامه المزعومه نذكر تعليق الاب متى المسكين فى تفسيره لإنجيل متى الخاص بهذه الفقره فيقول :
«وعمِّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس»:
الفعل الأساسي في الجملة باليونانية هو: “تلمذوهم”، ومن بعده تأتي عمِّدوهم ثم علِّموهم. ولكن هذه الأفعال لا تأتي بهذا الترتيب عملياً، لأنه وإن كان بحسب الفكر الكنسي أن العماد هو المصدر الذي يستمد منه المتعمِّد الروح القدس، والروح القدس هو روح الحق وبالتالي روح التعليم الذي يستمر معه طول حياته، ولكن الفعل الكنسي من الوجهة اللاهوتية لا يعمِّد إلاَّ مَنْ تعلَّم. والسبب في وضع التعليم بعد العماد من وجهة نظر المسيح والإنجيل أنها هي عملية التلمذة في صورتها الدائمة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أكثر إلحاحاً أن التلمذة ستبدأ بين الأُمم على مستوى كبار السن رجالاً ونساءً، كدعوة للرجوع إلى الله من عبادة الأوثان. هنا يهتم المسيح وتهتم الكنيسة بالدرجة الأُولى بإجراء العماد أولاً حتى يستطيع المعمَّد بالروح القدس أن يجحد الشيطان، ويقول إن المسيح رب لمجد الله الآب، التي لا ينطقها إنسان إلاَّ بالروح القدس (1كو 3:12)
الشاهد من كلام الاب متى المسكين هو أن الفعل الاساسى فى الجمله اليونانيه هو تلمذوهم ثم تأتى عمدوهم ثم علموهم , ومن هنا ممكن أن نفهم أن الجمله ممكن أن تترجم (تلمذوهم باسم , او عمدوهم او علموهم باسم) .
وبالتالى وجب على الباحث أن يتحرى فى اعمال الرسل بماذا كان التلاميذ والرسل يتلمذوا ويعندوا ويعلموا الناس .
ونجد فى أعمال الرسل الآتى :
اعمال 3 : 6 فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فاياه اعطيك.باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش
اعمال 3 : 16 وبالايمان باسمه شدد اسمه هذا الذي تنظرونه وتعرفونه والايمان الذي بواسطته اعطاه هذه الصحة امام جميعكم
اعمال 4 : 10 فليكن معلوما عند جميعكم وجميع شعب اسرائيل انه باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه انتم الذي اقامه الله من الاموات.بذاك وقف هذا امامكم صحيحا
اعمال 4 : 18 فدعوهما واوصوهما ان لا ينطقا البتة ولا يعلّما باسم يسوع
اعمال 4 : 30 بمد يدك للشفاء ولتجر آيات وعجائب باسم فتاك القدوس يسوع
اعمال 5 : 40 فانقادوا اليه.ودعوا الرسل وجلدوهم واوصوهم ان لا يتكلموا باسم يسوع ثم اطلقوهم
اعمال 8 : 12 ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالامور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالا ونساء
اعمال 8 : 16 لانه لم يكن قد حل بعد على احد منهم.غير انهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع.
اعمال 9 : 27 فاخذه برنابا واحضره الى الرسل وحدثهم كيف ابصر الرب في الطريق وانه كلمه وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع
اعمال 9 : 28 فكان معهم يدخل ويخرج في اورشليم ويجاهر باسم الرب يسوع
اعمال 16 : 18 وكانت تفعل هذا اياما كثيرة.فضجر بولس والتفت الى الروح وقال انا آمرك باسم يسوع المسيح ان تخرج منها.فخرج في تلك الساعة
اعمال 19 : 5 فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع
اعمال 19 : 13 فشرع قوم من اليهود الطوافين المعزمين ان يسمّوا على الذين بهم الارواح الشريرة باسم الرب يسوع قائلين نقسم عليك بيسوع الذي يكرز به بولس
كورنثوس الاولى 1 : 2 الى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون باسم ربنا يسوع المسيح في كل مكان لهم ولنا
كولوسى 3 : 17 وكل ما عملتم بقول او فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به
من كل هذه الشواهد والتى يوجد غيرها الكثير فى العهد الجديد نعلم يقينا أن المسيح لم يقل لتلاميذه عمدوا أو علموا وتلمذوا الامم باسم الاب والابن والروح القدس وإلا لفعل التلاميذ كما أمرهم ولم يخالفوا أمره أبدا , كما ان هذا الامر لم يرد على لسان المسيح فى الاناجيل الاخرى ولا فى انجيل متى فى غير هذا الموقف مما يعنى أن ما ذهب اليه البعض أن هذه الفقرة مضافه لاحقا الى انجيل متى هو رأى أقرب للصواب وأرجح من رأى من يقولون أن هذه الفقرة اصيله فى النص .
ويبقى قبل أن ننهى الموضوع أن نقول أنه حتى لو ثبت النص , فليس فيه ما يثبت صفة الالوهيه للأبن والروح القدس ولا مساواتهم بالاب , كما لا يوجد فيه ما يشير الى ان الاب والابن والروح القدس هم واحد .
فاستخدام لفظة باسم بصيغة المفرد وليس باسماء لا تعنى أن المشار اليه بعدها مفرد أو واحد فى الذات , فهى تستخدم فى اللغة عامة بهذه الصيغة وتشير الى الجمع كمثال أن يقول قائل إنى أتحدث باسم الشعب , أو باسم الاقباط , او باسم احزاب المعرضه وهكذا لا يعنى هذا ان المشار اليه واحد فى الذات .
وقد اتى فى الكتاب المقدس نفسه استخدام لفظة باسم المفرده للإشارة إلى المثنى والجمع كما فى الفقرات :
التكوين 48 : 6 وَامَّا اوْلادُكَ الَّذِينَ تَلِدُ بَعْدَهُمَا فَيَكُونُونَ لَكَ. عَلَى اسْمِ اخَوَيْهِمْ يُسَمُّونَ فِي نَصِيبِهِمْ .
الملوك الاول 18 : 24 – 25 ثم تدعون باسم آلهتكم وانا ادعو باسم الرب.والاله الذي يجيب بنار فهو الله.فاجاب جميع الشعب وقالوا الكلام حسن . فقال ايليا لانبياء البعل اختاروا لانفسكم ثورا واحد وقرّبوا اولا لانكم انتم الاكثر وادعوا باسم آلهتكم ولكن لا تضعوا نارا
وأن الايمان والتعميد والتعليم باسم يسوع يعنى بالنيابة عنه وبتكليف منه كما ورد نفس هذا المعنى فى الاناجيل كالتالى :
متى 10 : 41 – 42 من يقبل نبيا باسم نبي فأجر نبي ياخذ.ومن يقبل بارا باسم بار فأجر بار ياخذ. ومن سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره
مرقس 9 : 37 من قبل واحدا من اولاد مثل هذا باسمي يقبلني ومن قبلني فليس يقبلني انا بل الذي ارسلني
يوحنا 5 : 43 انا قد أتيت باسم ابي ولستم تقبلونني.ان أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه.
يوحنا 10 : 25 اجابهم يسوع اني قلت لكم ولستم تؤمنون.الاعمال التي انا اعملها باسم ابي هي تشهد لي
وأمثلة هذا كثيرة جدا أيضا , وأظن أن الاجابه الان واضحه على هذا السؤال .
هل قال المسيح لتلاميذه حقا , فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .